قام شاب مصري اسمه أحمد أمين برفع فيديو يوتيوب بعنوان إزاي تزوغ من البيت في 30 ثانية، وكان قد صوره بكاميرا موبايله، انتشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وشاهده مئات الآلاف في فترة محدودة، وألحقه احمد أمين بعدد قليل من الفيديوهات، ظلت كلها تحت عنوان شامل هو 30 ثانية، ولكنه لم يلبث أن توقف، وكان من المؤسف أن يتوقف شخص بمثل موهبته عن الإنتاج.
ولكن اتضح لاحقًا أنه لم يتوقف وإنما بدأ بإنجاز برنامج برعاية شركة اتصالات بعنوان البريك، وكان البرنامج يعرض على يوتيوب أيضًا في حلقات لا تتجاوز الخمسة دقائق، وكانت فكرة البرنامج شديدة البساطة، وهي أن ممثلًا متواضعًا يعمل في أعمال رديئة، يأخذ استراحة من التصوير ويدردش مع أصدقائه في مواضيع شتى عن الحياة المصرية، وقد وفرت هذه الفكرة قالبًا كوميديًا يسمح بمزيد من الضحك الناتج عن المواقف التي يجد هذا الممثل نفسه أمامها أثناء تصوير الأعمال التي يشارك فيها، إلى جانب المونولوج الأساسي في الحلقة والذي ظل في إطار مشابه لما قدمه أمين في برنامجه الأول.
بعد نجاح البريك، انتقل أحمد أمين إلى التلفزيون، فقد أصبح بإمكان المشاهد أن يتابعه على قناة النهار المصرية في برنامج البلاتوه، وقد حافظ البرنامج على طابع عمل أحمد أمين السابق في يوتيوب، ولكن بدل أن تتألف الحلقة من اسكتش أو فاصل كوميدي واحد أصبحت تضم مجموعة من الفواصل يجمعها موضوع واحد أو على الأقل مواضيع متقاربة، وأصبحت تتنوع بين المشاهد التمثيلية والمونولوجات التي يقدمها أمين وبين جلسات مع الأصدقاء، دون أن يقيد البرنامج نفسه في قالب محدد وواضح.
امتاز أحمد أمين عن غيره من الممثلين الكوميديين أو الستاند أب كوميديان بمقدرة مذهلة على الارتجال، فمعظم الحلقات الأولى من برنامجه 30 ثانية كانت مرتجلة بشكل كامل، كما أنه متمكن من أدائه دون تلعثم أو تردد، ولكنه قبل كل شيء يمتاز بالتصاق ومعرفة وثيقة بالبيئة المصرية، جعلتاه يستطيع إنجاز حلقات عن أصغر تفاصيل المجتمع المصري، مع إغراق في التحليل والنقد الاجتماعي الساخر.
استعان أمين في برنامجه البريك ولاحقًا وفي برنامج البلاتوه بكتاب آخرين ولكنه مع ذلك استطاع الحفاظ على روح تشبهه وتشبه عمله الأول، ولا سيما من حيث الجوانب التي يتناولها ويركز عليها، ومنها النفاق الاجتماعي، الادعاء، الضغط الذي يمارسه المجتمع على الأفراد.
يمكننا أن نلاحظ أن أمين يتجنب الخوض في السياسة، وأنه رغم تخصصه في مجال يميل عادة إلى تناول الحياة السياسية وانتقادها وتحليلها إلا أنه فضل ألا يقترب من السياسة وأن يحصر عمله في المجالات الاجتماعية.
وبعد أن نال أحمد أمين هذه الشهرة الكبيرة خلال فترة قياسية، يمكن لمن يعود إلى تاريخه أن يكتشف أنه لم يكن يومًا غريبًا عن الفن، فقد كان منذ صغره شغوفًا بالمسرح، وقد درس الفنون الجميلة، وشارك في عروض مسرحية كثيرة خلال دراسته في الكلية ممثلًا ومخرجًا، وعمل لاحقًا في مجال صحافة الأطفال، ووصل إلى منصب رئيس تحرير، ولكنه بعد عشر سنوات من العمل في مجال صحافة الأطفال، شعر بأن هذا العمل لا يرضي طموحه، وأنه قبل بعمل لا يمثل شغفه خوفًا من التغيير، وفي لحظة شجاعة قرر أن يصور نفسه بكاميرا الموبايل وينضم إلى جموع العاملين على موقع يوتيوب، وقد نجح رهانه، وتحول إلى تجربة من أنجح التجارب في الكوميديا العربية الوليدة من رحم وسائل التواصل الاجتماعي.
إعلان
جميع الحقوق محفوظة لشركة تحت الـ35 © 2024