باسم يوسف.. بين السخرية الجنائية والتفكير خارج الصندوق!

باسم يوسف 03

تعد تجربة الإعلامي المصري باسم يوسف واحدة من أكثر التجارب الاحترافية إثارةً للجدل في تاريخ الإعلام العربي، ومن أكثرها تأثيرًا على المستوى الشعبي.

انطلاقة يوسف من برنامجه على يوتيوب على الشبكة العنكبوتية كانت ملفتة، وحققت نسب مشاهدة ضخمة، مما دفع المؤسسة العملاقة، يوتيوب، إلى تكريمه في عام 2014 بعد تجاوز عدد مشتركيه المليون.

ورغم ابتعاده عن الشبكة العنكبوتية والشاشة الفضية بعد تجربة بدأها في 2012 من قناة OnTV ثم cbc وبعدها MBC، في عام 2014، عبر 3 حلقات فقط، قبل أن يتعرض برنامجه الذي يحمل اسم البرنامج للتشويش، إلا أن تجربته ألهمت العشرات من الشباب العربي لخوض تجربة البرنامج الناقد الساخر عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة عبر موقعي يوتيوب وفيسبوك.

السخرية الجنائية؟

اعتمد باسم يوسف أسلوب السخرية اللاذعة في تقديمه للقضايا العربية عامة والمصرية خاصة مما أثار جدلًا حادًا حوله، وهو الأمر الذي عرّضه لعدّة دعاوى قضائية، وأدخله في متاعب كثيرة، فاعتبر البعض أسلوبه سبّاً وقدحًا تعدى كونه نقدًا لاذعًا، فيما رآه آخرون جرأة يحسد عليها.

ورغم الحملات التي انطلقت ضده من بعض الأطراف (خاصة المصرية منها)، لم يَردّ يوسف، الذي يحمل شهادة في الطب، على أيٍ من منتقديه خارج إطار برنامجه، معتبرًا أن معارضيه لهم الحق في انتقاده، مقابل الحق الذي أعطاه لنفسه بانتقادهم.

باسم يوسف 04

خارج الصندوق!

بعيدًا عن محتوى المادة التي قدمها يوسف في برنامجه، وبمعزل عن عن مشوار حياته الذي بدأه كطبيب لأمراض القلب ومن ثم مقدم برامج في تحول مفاجئ غير اعتيادي، فإن المقدم المصري حقق ما يريده بطريقة مختلفة عن المعتاد، فلم يتبع دورات، ولم يذهب إلى جامعة ما لاكتساب الخبرات، ولم يعمل كمتدرب في أحد المؤسسات، كما هو الأمر مع أي شخص يطمح لتحقيق أو دخول مهنة معينة.

ولكنه فكّر «خارج الصندوق»، كما يقول الأمريكيون، ولجأ إلى الشبكة العنكبوتية، واختار موقع اليوتيوب للالتفاف على الطرق الاعتيادية في العمل التلفزيوني والبث، وطور أدواته وقدراته بشكل تدريجي ليدخل عالم الاحترافية بثقة وتأنٍّ، وهو الأمر الذي تابعناه مع مسيرة هذا الرجل.

على مستوى المضمون اختار يوسف القضايا المثيرة للجدل (خاصة السياسية منها) بالتزامن مع الربيع الذي عمّ الدول العربية، ونجح في ملامستها في معظم الأحيان بجرأة لم تكن مألوفة لدى المشاهد العربي.

رغم محاولة المقدم المصري في بداية انطلاقته استنساخ أو على الأقل مشابهة المقدم العالمي جون ستيوارت، الذي استضاف يوسف في برنامجه، إلا أن طبيعة المواد التي كان يقدمها، والاختلاف في العادات والتقاليد، فرضت عليه شكلًا خاصاً به، وهو ما ميّزه عن الآخرين، وأعطاه صبغة محلية عربية قريبة من الشارع.

وتجدر الإشارة إلى أن عداء وانتقاد بعض السياسيين وبعض الشخصيات الاعتبارية المصرية والعربية له لعب دورًا في بناء شخصيته الإعلامية، فرغم أن بعض حلقات برنامجه البرنامج لم تكن بالمستوى المطلوب، فكريًا على الأقل، إلا أنها استمرت في تحقيق نسب مشاهدة عالية، في دلالة على المكانة التي حققها هذا الإعلامي الطبيب بأسلوبه وطريقة تفكيره وأشكال الطرح التي اختارها ومضمون قضاياه.

باسم يوسف 01

بين أكثر 100 شخصية تأثيرًا

اختارت مجلة التايمز Times الأمريكية باسم يوسف ليكون بين أكثر 100 شخصية تأثيرًا في العالم ضمن قائمتها لعام 2013، وهو نفس العام الذي كرمته فيه مؤسسة يوتيوب. ولم يأتِ هذا الاختيار من فراغ، إذ أن برنامج يوسف أضحى أيقونة لدى المشاهد العربي، وملهمًا للكثير من الشباب العربي، الذي لجؤوا إلى الطرق غير التقليدية وبدؤوا بالتفكير «خارج الصندوق» بِدَورهم، لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم، والساحة العنكبوتية مليئة بالتجارب الناجحة على هذا الصعيد.

شارك على:

شارك برأيك

إعلان

جميع الحقوق محفوظة لشركة تحت الـ35 © 2024

تم إطلاق هذا الموقع بمنحة من

مؤسسة اتجاهات - ثقافة مستقلة