يعتبر مهرجان ساندانس للأفلام المستقلة، الذي يقام سنويًا في ولاية يوتاه، أحد أوائل المهرجانات المختصة بالسينما المستقلة، وأحد أكبر الخطوات للتمرد على الصناعة الهوليوودية التجارية، وقد تحول عبر سنوات عمره التي تجاوزت الثلاثين، إلى قبلة للمنتجين السينمائيين في أنحاء العالم، كما رفد الصناعة السينمائية بعدد كبير من المواهب الشابة التي وجدت في هذا المهرجان منصة مناسبة لتقديم نفسها.
ولكن مشروع ساندانس الذي أطلقه روبرت ريدفورد في عام 1981، لا ينحصر في مهرجان الأفلام المستقلة، فمعهد ساندانس هو مؤسسة غير ربحية تقوم بتنظيم مجموعة من ورشات العمل، وينقسم مشروع ساندانس إلى برامج أربعة أساسية:
1- برنامج ساندانس للأفلام الروائية
عبر سلسلة من المختبرات، يدعم هذا البرنامج صناع الأفلام الصاعدين من كتاب سيناريو ومخرجين، ويسمح لهم بكتابة مشاهد وتصويرها والقيام بعمليات المونتاج عليها، بإشراف فريق من المختصين المحترفين في مجالات متعددة، بحيث يكون صناع الأفلام محاطين بالأجواء الاحترافية لصناعة فيلم روائي، ولكن دون ضغوط الإنتاج، وضرورة تحقيق الفيلم ضمن إطار زمني مضغوط. يتبع هذه الورشات إمكانية إنتاج الأفلام من خلال المنح التي يقدمها معهد ساندانس، والتي تعتبر من أكبر المنح الإنتاجية التي تقدم للأفلام المستقلة.
2- برنامج ساندانس للأفلام الوثائقية
يقدم هذا البرنامج الدعم لكثير من صناع الأفلام غير الروائية في مجالات المونتاج، اختيار موسيقى الأفلام، تقنيات السرد، ويتم التركيز في هذا البرنامج على الأفلام التي تتناول مواضيع حقوق الإنسان، حرية التعبير، العدالة الاجتماعية، الحريات المدنية، والتي تستكشف الموضوعات الإشكالية في زمننا المعاصر، وقد أطلقت مجموعة من المنح لتمويل الأفلام الوثائقية منذ العام 2002، وقد سمحت هذه المنح بإنجاز عدد من الأفلام حول العالم.
3- برنامج ساندانس للموسيقى
يسمح هذا البرنامج للموسيقيين المحترفين الذين يرغبون بتجربة التأليف الموسيقي للأفلام بالانخراط في تجربة عملية في هذا المجال، يقبل في هذا البرنامج ستة موسيقيين يتم جمعهم مع مخرجين صاعدين ليعملوا معًا على تحقيق الموسيقى التصويرية للأفلام، بإشراف مجموعة من أشهر وأهم الموسيقيين في مجال الموسيقى التصويرية في العالم. كما يلحق بمهرجان ساندانس مشروع مقهى ساندانس والذي يقوم خلال اليوم بتقديم عازفين ومغنين جدد في مجالات موسيقية متعددة.
4- برنامج ساندانس للمسرح
وهو عبارة عن سلسلة من المختبرات التي تقدم فرصة للكتاب والمخرجين والموسيقيين، والفنانين ليجتمعوا ويحققوا مشاريع مسرحية.
وقد قدمت هذه البرامج فرصًا لكثير من الفنانين الشباب من كل أنحاء العالم لتجريب أجواء العمل الاحترافية، ولكن عدد المتقدمين الهائل سنويًا، يؤدي إلى أن تكون الفرصة محصورة بعدد قليل من الأشخاص، كما أن معايير القبول في البرامج كما في المهرجان ليست معايير سهلة، لا سيما بوجود انفتاح على العالم، الذي يحتوي كمية لا تنتهي من المواهب.
انطلق مهرجان ساندانس التابع لمعهد ساندانس عام 1984، ومنذ ذلك الحين، أصبح المهرجان فرصة هامة لكل صناع الأفلام المستقلة في العالم لتقديم أنفسهم، ولطالما اعتبره البعض بوابة المخرجين المستقلين إلى هوليوود، إذ يحضر المنتجون والمخرجون الكبار المهرجان لاكتشاف المواهب الجديدة، وللتعرف على أفكار الشباب واتجاهاتهم الفنية التي تنطلق من رغبة بالانعتاق من سياسات الأفلام التجارية، وإن كان بعضهم ينخرط فيما بعد في الصناعة الهوليوودية.
يبقى أن نشير أن العام 2014، كان عامًا مميزًا للسينما العربية عمومًا والسينما السورية خصوصًا إذ حصد فيها الفيلم السوري “العودة إلى حمص” من إخراج طلال ديركي، الجائزة الكبرى للجنة التحكيم كأفضل فيلم وثائقي أجنبي، وهي أكبر جائزة حازتها السينما العربية على مر سنوات المهرجان الثلاثين.
إعلان
جميع الحقوق محفوظة لشركة تحت الـ35 © 2024