إضاءة الأفلام السينمائية في يومنا هذا أصبحت من أهم الأدوات الفنية التي تستخدم لإضفاء جو ما على الفيلم أو على بضع لقطات معينة من الفيلم.
ولكن تاريخ السينما مر بعدد كبير من القفزات النوعية حتى وصلنا إلى ما آلت إليه الأحوال.
في بدايات السينما و خصوصًا في فترة الأخوين لوميير (مخترعا أول كاميرا سينمائية)، كان التصوير السينمائي محصورًا بلقطات خارجية تصور في وضح النهار, بسبب ضعف جساسية الفيلم السينمائي في ذلك الوقت.
ويعتبر المخرج السينمائي الفرنسي جورج ميليس أول من حاول تطويع الشرط لمحاكاة المشاهد الداخلية في الاستديو الخاص به (الذي بني في عام 1897)، حيث كان للاستديو سقف وثلاثة جدران زجاجية تسمح لضوء الشمس بإنارة داخله وكان ميليس يستخدم ذلك بالإضافة لديكورات مرسومة لإعطاء الحياة لعوالمه الخيالية. وكان استديو ميليس في ضاحية باريس مونتروي النموذج التي بنيت عليه استديوهات الأفلام للعقد القادم.
في عام 1905 اخترع الأمريكي كووبر هيويت مصابيح الزئبق ومعها أصبح من الممكن تصوير مشاهد داخلية دون ضوء الشمس. فتحولت السينما تدريجيًا لاستخدام هذه المصابيح لإنارة المشاهد.
الحديث عن أنواع الإضاءة في مقال واحد شبه مستحيل ولكن من الممكن تحديد أساسيات الإضاءة البسيطة بفصلها لنوعين أساسين:
الضوء الحاد (Hard Light):
الضوء الحاد هو ضوء ذو استطاعة عالية وتكون حزمة الضوء فيه محصورة أو ما يمسى بسبوت (Spot Light) و ما يميز الضوء الحاد هو الظلال التي يخلقها و هي بالعادة ظلال حدة الأطراف و أكثر قتامة من غيرها، وبالعادة الضوء الحاد يوضع بعيدًا عن العنصر الأساسي باللقطة.
الضوء الناعم (Soft Light):
الضوء الناعم هو ضوء ذو استطاعة أخف من الضوء الحاد وتكون حزمة الضوء فيه عريضة أو ما يسمى بضوء المساحة (Area Light)، وما يميز الضوء الناعم نعومة أطراف الظلال التي يخلقها وقلة قتامتها، والضوء الناعم يوضع بالعادة قريبًا من العنصر الأساسي في اللقطة.
تعتبر نظرية الثلاث نقاط من أهم نظريات الإضاءة في إضاءة المشاهد الداخلية، وهي تعتمد على ثلاثة مصادر ضوئية لإنارة موضوع اللقطة، وهي الضوء الأساسي (Key light)، الضوء المعاكس (Counter Light)، وضوء التعبئة (Fill Light).
الضوء الأساسي (Key light):
وهو كما يدل اسمه الضوء الأساسي في اللقطة، و هو ما يعطي “روح” اللقطة، أي الجو المراد إيصاله من اللقطة، كل من خصائصه (لون، استطاعة، و نوع) هي ما تحدد هذه “الروح”، في العادة هذا الضوء يكون ضوءً حاداً بعيد عن الشخصية ومرتفع عنها ويكون إما على يمين الشخصية أو يسارها أي نادرا ما يكون أمامها تمامًا.
الضوء المعاكس (Counter Light) :
هو الضوء الذي يأتي من خلف الشخصية ووظيفته إبعاد الشخصية عن خلفية اللقطة كي نشعر بأن الشخصية منفصلة عن الخلفية، كما يستخدم لتحديد إطار الشخصية (السيلويت) و له استخدامات عديدة في لقطات المؤثرات البصرية (الإفيكتس) وخاصة لقطات الشاشة الخضراء، بالعادة هو ضوء حاد عال يقابل تقريبًا الضوء الأساسي.
ضوء التعبئة (Fill Light):
هو ضوء ناعم يستخدم غاليًا لتخفيف حدة الظلال على الشخصية كظل الأنف على الوجه، و أيضا لتخفيف التجاعيد على وجوه الممثلات و يكون بالعادة بقرب الكاميرا، و قريب من الشخصية و يستخدم لإنارة ما حول الشخصية بسبب عرض حزمته الضوئية.
يمكننا ملاحظة استخدام هذه النظرية بكثير من الأفلام العالمية، فمثلًا في هذه اللقطة من فيلم « Pulp Fiction » للمخرج العالمي كوينتن تارانتينو, نلاحظ المصادر الثلاث
في النهاية علينا ألا ننسى أن بدايات السينما قامت من دون إضاءة، لذلك فإن الأداة ليست هي أساس الإبداع، وعبر تاريخ السينما نجد روادًا حاولوا كسر القواعد، كالمخرج ستانلي كوبريك الذي صور جزءًا من فيلمه باري ليندون باستخدام إضاءة الشموع فقط.
فإذا أرت أن تصنع فيلمًا، لا تتردد بسبب سوء الظرف بل حاول تطويع الظرف لما تحتاجه.
إعلان
جميع الحقوق محفوظة لشركة تحت الـ35 © 2024