تنقسم صناعة الفيلم إلى ثلاث مراحل أساسية، تنضوي تحت كل منها عدة أنواع من المهام. وهذه المراحل هي: ما قبل التصوير، التصوير، ما بعد التصوير.
تسبق هذه المراحل الثلاث عملية واحدة هي مرحلة تطوير سيناريو الفيلم وكتابته، ويمكن أن يكون كاتب ما قد كتب الفيلم وعرضه إما على مخرج فتبناه أو على منتج فاختار له مخرجًا، أو أن يكون كاتب ومخرج قد اتفقا على موضوع الفيلم وتعاونا على كتابته، أو أن يكون المخرج نفسه كتب الفيلم، أو أن تكون لدى جهة منتجة رغبة في إنجاز فيلم عن موضوع معين، وفي هذه الحالة يمكن تكليف كاتب ومخرج بتنفيذ هذا المشروع.
المرحلة الأولى هي مرحلة ما قبل التصوير (pre-production) وهي أطول مراحل إنجاز الفيلم، ويمكن أن تصل في بعض الحالات إلى سنوات من الإعداد والتحضير.
تلي مرحلة الكتابة، مرحلة إيجاد منتج للمشروع، إلا في حالات نادرة يكون فيها المنتج شريكًا منذ ولادة المشروع، وهذه أصعب مرحلة من مراحل تحقيق الفيلم، لا سيما في حالة المخرج والكاتب المبتدئين، وقد احتاج بعضهم إلى سنوات لتحقيق فيلمه الأول.
بعد إيجاد المنتج، يتم اختيار الفريق الفني، وتبدأ هذه المرحلة باختيار مدير الإنتاج، الذي يضع ميزانية تنفيذ الفيلم، ويتفق مع المخرج على كيفية التصوير ضمن الميزانية المتاحة، ويضع بالتعاون مع فريق الإخراج خطة التصوير، ويتعاون مع فريق الإنتاج لوضع خطة للتوزيع والتسويق. ثم يتم اختيار مهندس الديكور وتبدأ عملية استطلاع وتحضير أماكن التصوير وبناء وتصميم المواقع غير المتوفرة أو التي يتفق على تصويرها في استوديو، ثم يقوم المخرج ومسؤول الكاستيغ باختيار الممثلين،. يتم في هذه المرحلة أيضًا، الاتفاق بين المخرج ومدير التصوير على الصيغة البصرية للفيلم، ويختاران معًا المعدات التي يحتاجها تنفيذ الفيلم، في هذه المرحلة أيضًا تُصمم الملابس والأكسسورات، وتُنفذ تجارب المكياج، ويتم تفريغ النص من قبل فريق الإخراج والسكريبت، وتحتاج هذه المرحلة إلى الاتفاق بين المخرج والفريق الفني على الشكل النهائي للمشروع، كما تتضمن ما يسمى «بروفات الطاولة» مع الممثلين، والتي تعني قراءة النص والنقاش للوصول إلى الصيغة المثلى لأداء الشخصيات. ولا ينخرط كل الفريق الفني للعمل في هذه المرحلة إذ تنحصر بمن يضعون أساسات الصورة النهائية وبمن يحتاج عمله لتحضير سابق.
المرحلة الثانية هي مرحلة التصوير (production)، وهي المرحلة المضغوطة زمنيًا فيجب تصوير الفيلم في عدد أيام محدد مسبقًا بحسب الميزانية المتاحة، ورغم أن تصوير بعض الأفلام استمر لسنوات إلا أن هذه حالات نادرة في تاريخ السينما وعادة ما ينحصر تصوير الفيلم في فترة تتراوح بين ستة أسابيع وستة أشهر.
في هذه المرحلة يتم تصوير الفيلم، وتحتاج هذه المرحلة إلى دقة شديدة في تنظيم الوقت. كما تحتاج إلى جهود كل الفريق الفني، حيث يتم تنفيذ كل التفاصيل والتحضيرات من المرحلة السابقة، وتوضع كلها في خدمة الرؤية الإخراجية لتحقيق العمل. يتم تصوير الفيلم بناء على أوامر عمل –أوردرات– تنظم التصوير بحسب الأماكن، فيتم تصوير مشاهد كل موقع –لوكيشن– مع بعضها. ومع نهاية هذه المرحلة ينتهي دور معظم الفنيين وكامل فريق الممثلين.
المرحلة الثالثة هي مرحلة ما بعد التصوير (post production)، وقد تطول هذه المرحلة أو تقصر بحسب دور المؤثرات البصرية والصوتية في الفيلم.
تبدأ مرحلة ما بعد التصوير بعمليات المونتاج، حيث يتم تجميع لقطات المشهد الواحد المعتمدة ووضعها بالإيقاع المطلوب متتاليةً، ثم تنظم المشاهد بحسب ترتيب ورودها في الفيلم، وبالتزامن مع عملية المونتاج، تتم عملية المكساج، وتقوم على تركيب الصوت المعتمد على الصورة، وتعديل مستويات الصوت، وتصحيح مشاكل الصوت، وإضافة المؤثرات الصوتية، ومن ثم وبالتعاون مع المؤلف الموسيقي، إضافة الموسيقى التصويرية للفيلم.
تمتد على طول هذه الفترة عمليات المؤثرات البصرية، والتي كانت في الماضي مرحلة قصيرة تعتمد على إضافة بعض التفاصيل ولكننا اليوم مع تقدم التقنيات نلاحظ أن هذه المرحلة أصبحت جزءًا أساسيًا من بناء الفيلم ولا سيما في أفلام الخيال والأفلام التاريخية، ولكنها لا تزال أكثر انتشارًا في الأفلام عالية التكلفة، فيما تبتعد الأفلام المستقلة ومنخفضة الميزانية عن تعقيد مؤثراتها البصرية.
يحضر المخرج كل عمليات ما بعد التصوير ويشرف على تنفيذها بحسب رؤيته الفنية. وبعد انتهاء هذه العمليات كلها، تنتهي مهماته ومهمات الفريق الفني، وينحصر العمل بفريق الشركة المنتجة التي عليها الآن أن توزع الفيلم وأن تصمم بوسترات وإعلانات، وأن تسوق للفيلم وتعرضه في الصالات أو على شاشات التلفزيون أو على الإنترنت.
إعلان
جميع الحقوق محفوظة لشركة تحت الـ35 © 2025