ازدهرت في النصف الثاني من التسعينات المدونات في كل أنحاء العالم، وصارت مهنة المدون شائعة ومنتشرة، وكانت هذه المدونات تتناول كل الموضوعات، من مدونات الطبخ والأزياء إلى مدونات اليوميات الشخصية والسياسة والفن. وصار للمدونين مكانة ورأي، وانضم إلى كتاب المدونات هواة ومحترفون من صحافيين وكتاب رواية ونقاد.
ومع ظهور موقع يوتيوب، شاع نوع جديد من التدوين وهو التدوين بالفيديو، والذي أطلق عليه لقب “فلوغ” وهي كلمة إنكليزية منحوتة من كلمتي “فيديو” وبلوغ” أي مدونة.
يقوم مبدأ الفلوغ على تسجيل الشخص المدون ليوميات أو حتى لمقاطع فيديو على فترات متقطعة، وكانت في البدايات تنجز بكاميرا الكومبيوتر، ويقوم فيها الشخص بتصوير نفسه أمام شاشة كومبيوتره وهو يقوم بالتحدث إلى الكاميرا في موضوعات شتى.
تطور هذا النوع كثيرًا عبر السنوات، وأصبح مدونو الفيديو يستخدمون أعلى أنواع التقنيات، وصار بعضهم يصور تدويناته بكاميرات متعددة ويقوم بمونتاجها بسوية فنية عالية.
تمتاز هذه التدوينات عمومًا بصراحتها الشديدة وأحيانًا ببذاءتها، بسبب انعدام الرقابة على يوتيوب وشعور المتحدث أنه يكلم نفسه فقط، مما يجعله يكشف الكثير من الحقائق عن نفسه. وقد واجه كثيرون من خلال تدويناتهم مشاكلهم النفسية، ولا سيما المتعلق منها بالانطوائية والخجل والوزن الزائد والوحدة، واستطاعوا في بعض الأحيان تجاوزها من خلال مشاركتها مع الآخرين والحديث عنها، دون أن يشعروا بوجل لأنهم كانوا أثناء تصوير الفيديوهات وحدهم.
قام شاب اسمه لوي بتصوير نفسه وهو يأكل أطعمة غريبة ومقرفة لا يستطيع كثيرون تقبلها، فشاهد هذه المقاطع مئات الآلاف من الأشخاص مما دفعه لتأسيس قناة يوتيوب اسمها تسلية لوي، ينشر فيها لوي يوميًا تدوينة فيديو عن رحلات يقوم بها حول العالم، وقد نشر حتى اليوم 1139 تدوينة، وتمتاز المدونة بمحتواها المتنوع، وبكمية الأصدقاء الذين يظهرون فيها.
ويمكننا من خلال متابعة قناة اليوتيوب الخاصة بلوي أن نلاحظ أنه رغم التزامه الشديد بتدويناته اليومية، وتصويره لكل تفصيل من حياته اليومية ومغامراته، إلا أنه يعاني من ثقل عمليات المونتاج التي عليه أن يجريها بشكل يومي، والتي أحيانًا تضطره للتضحية بأوقات راحته.
بعد عدة سنوات من تدوين الفيديو، والرحلات حول العالم، اكتشف لويس أنه بحاجة لمعنى أكبر في حياته، وأنه يرغب بإنجاز شيء ما للعالم أكثر مما حقق حتى اليوم، فأطلق وصديقه ديف مبادرة سولفاي، التي تطلب من متابعيهم اقتراح حلول لمشاكل في العالم، ليحاول لوي وصديقه جمع الأموال ودعم المشاريع من أجل تحقيقها.
كما حضر لوي منذ فترة مهرجانًا للأفلام، للتعرف أكثر إلى عالم الأفلام عله يجد طريقة لإنجاز محتوى أكثر أهمية وعمقًا.
إن أهمية تجربة لوي وقناته، التي وصلت إلى أكثر من مليون و700 ألف مشترك، أننا شهدنا ومن خلال التدوينات اليومية تحول لوي من شاب رحال إلى شاب يبحث عن معنى أعمق لحياته، وعن طريقة للتحول إلى صانع أفلام حقيقي، وميزة التدوين اليومي الذي يقدمه أنها جعلتنا نشهد هذا التغير في حياته بشكل ملموس ويومي وتدريجي.
يأخذ الكثيرون على هذا النوع من مقاطع اليوتيوب خلوه من العمق، وفعلًا فإن يوتيوب مليء بأشخاص يصورون أنفسهم يوميًا وهم يتحدثون عن أي شيء، وبسطيحة وتفاهة تكاد لا تصدق أحيانًا، ولكن هذا النوع كغيره، ينتج أحيانًا تجربة كتجربة لوي، الشاب الذي اكتشف المقدرة والقوة التي تعطيه إياها شهرته على يوتيوب، وقرر استغلالها في تحقيق إنجاز ما للعالم.
إعلان
جميع الحقوق محفوظة لشركة تحت الـ35 © 2024