بعد أن تحدثنا في المقالة الماضية عن أحجام اللقطات، نتحدث اليوم عن أنواعها، وتنحصر أنواع اللقطات في نوعين فقط، اللقطة الثابتة واللقطة المتحركة.
اللقطة الثابتة
اللقطة الثابتة، هي لقطة لا تتحرك فيها الكاميرا، وتكون الكاميرا فيها مثبتة غالبًا على حاملها الثلاثي Tripod أو ما يسمى بين الفنيين في سوريا “سيبة الكاميرا”، ولكن هذا لا يعني أن اللقطة تكون دون حركة، إذ أن اللقطة الثابتة هي لقطة تتغير بحكم حركة الممثل داخلها. ويمكن للمخرج أن يغير حجم اللقطة الثابتة دون قطع، بأن يرسم للممثل حركة معينة، فمثلًا يمكن أن يقترب الممثل من الكاميرا في لقطة ثابتة، وتكون نقطة البداية لقطة واسعة ومع نهايتها يقترب الممثل من الكاميرا إلى لقطة قريبة، وهذا أبسط أمثلة حركة الممثل. وتتعقد الحركة أكثر بوجود عدد أكبر من الشخصيات في اللقطة الواحدة، ويمكن أن تحتوي لقطة ثابتة واحدة على عدد كبير من مسارات الحركة للممثلين.
اللقطة المتحركة
اللقطة المتحركة هي لقطة تتحرك فيها الكاميرا، ولهذه اللقطة أنواع عديدة تختلف بحسب نوع حركة الكاميرا، وهذه الأنواع هي:
1- البان Pan وهي حركة الكاميرا على حاملها بشكل أفقي، وغالبًا ما تستخدم هذه اللقطة لاستعراض مكان من اليمين إلى اليسار أو بالعكس، أو لمتابعة حركة ممثل من مكان إلى آخر.
2- التيلت Tilt وهي حركة الكاميرا على حاملها بشكل عامودي، وتستخدم هذه اللقطة لاستعراض مكان من الأعلى إلى الأسفل أو بالعكس، أو لاستعراض تفاصيل بشكل عامودي، كجسم الممثل أو أغراض موجودة في المكان.
3- تراكينغ Tracking وهي لقطة تتحرك فيها الكاميرا على دواليب “دولي” أو سكة تركب عليها عربة “شاريو”، ويمكن أن تكون هذه الحركة بشتى الاتجاهات، للأمام، للخلف، جانبيًا، عرضيًا.. وتستخدم إما لمتابعة حركة إحدى الشخصيات أو لتحريك اللقطة دون حركة ممثل، بحيث نعطي انطباعًا للمشاهد بالاقتراب أو الابتعاد عن الشخصيات، ويستخدمها بعض المخرجين فقط لإضفاء طابع جمالي حركي على بعض اللقطات دون أن يحملوها معاني محددة.
4- الكاميرا المحمولة، وهي نوع من اللقطات يحمل فيها المصور الكاميرا على كتفه ويلاحق بها الحدث وفق خط يرسمه المخرج ضمن تصميم اللقطة. وميزة هذا النوع من التصوير أنه يسمح للمصور أن يكون عنصرًا فاعلًا في اللقطة فيبتعد ويقترب من الشخصيات ويغير التكوين حسب الحدث، إلا أن لهذا النوع من اللقطات عيب كبير، وهو الاهتزاز الشديد، ورغم أن بعض برامج المونتاج على الكومبيوتر تقدم الآن إمكانية تثبيت اللقطات إلا أن ذلك يؤدي إلى خسارة جزء من اللقطة من الأعلى والأسفل والطرفين.
5- الستيديكام Steadicam وهي حركة منسوبة إلى الأداة التي تستخدم لصنعها، والستيديكام هو عبارة عن حامل أحادي تحمل عليه الكاميرا وتوازن عبر إضافة ثقل إلى أسفل الحامل، ويرتدي معه المصور سترة، تركب عليها الكاميرا، بحيث يستطيع المصور ملاحقة الشخصيات بالكاميرا والسير معهم وحتى الركض بإيقاعهم الخاص، وهذا النوع من اللقطات حديث نسبيًا، لأنه كان سابقًا محصورًا بشركات إنتاج ضخمة ومصورين خاصين، بسبب أن هذه القطعة كانت متوفرة فقط لكاميرات السينما قياس 35 ملم، وكان وزن الستيديكام ثقيلًا جدًا ويتطلب من المصور لياقة بدنية عالية، إلا أنه بعد توفر الكاميرات الرقمية ذات الحجم الصغير أصبح متوفرًا للجميع بأسعار معقولة وبوزن يسمح لأي مصور باستخدامه. يمتاز الستيديكام بنفس ميزات اللقطة المحمولة، ولا يحمل عيبها الأساسي في الاهتزاز العنيف، لأن الكاميرا فيه لا تهتز بعنف وإنما تتمايل بهدوء على حاملها، مما يجعل اللقطة هادئة واهتزازها جماليًا، وقد غزت هذه اللقطة السينما في السنوات العشرين الأخيرة وأصبح استخدامها كثيفًا جدًا في الأفلام، كما تستخدم بشكل دائم في تغطية المباريات الرياضية.
6- الكرين Crane وهي أيضًا حركة منسوبة للأداة التي تستخدم لتحقيقها، والكرين هو عبارة عن رافعة ترفع الكاميرا من خلالها، وتصور اللقطة إما صعودًا أو نزولًا أو بشكل أفقي من الأعلى. الكرين التقليدي، الذي لا يستخدم التقنيات الإلكترونية يحتاج فريقًا فنيًا، لأنه مؤلف من كثير من القطع وهو ثقيل الوزن، وينتشر استخدام لقطات الكرين كثيرًا في لقطات نهاية الأفلام ولا سيما في لقطة يبتعد فيها الأبطال عن الكاميرا ويسيرون فيما ترتفع الكاميرا للأعلى، كما تستخدم هذه اللقطة عمومًا للإيحاء بإحساس بالضخامة، أو لاستعراض المكان من زاوية عليا.
أما الكرين الذي يستخدم التقنيات الإلكترونية فهو إما مع مصور، أو دون مصور (جيمي جيب) ويستخدم الاخير كثيرًا في البرامج التلفزيونية وخاصة برامج المسابقات، ويحتاج استخدام الكرين عمومًا أن يكون للفيلم ميزانية إنتاج كبيرة نسبيًا لأنه غالي الثمن شراء أو إيجارًا.
7- لقطة الطائرة Drone لسنوات طويلة لم تتوفر إمكانية التصوير من طائرة الهوليكوبتر إلا لأضخم الإنتاجات العالمية، لأنها تتطلب إمكانيات كبيرة جدًا، وفي معظم البلاد تتطلب معاملات لا تنتهي من الموافقات الأمنية، وغالبًا ما كانت تتم بالاستعانة بالطائرات العسكرية، إلا أن توفر تقنية حديثة من الطائرات الإلكترونية الصغيرة، التي تثبت عليها الكاميرا أو تحمل ضمن جسمها كاميرا صغيرة تصور بجودة عالية، سمح لأفلام الميزانيات الصغيرة أو المعقولة باستخدام هذه التقنية، إلا أنها ما زالت تحتاج الكثير من الموافقات لاستخدامها، كما أنها ممنوعة في بعض البلدان. وتستخدم حركة الطائرة عمومًا لتصوير لقطات استعراضية من حجم اللقطة العامة، بحيث تستعرض مدينة أو حيًا أو ترافق جيشًا في الأفلام التاريخية.
8- الهجوم العكسي Reverse Attack وهي لقطة تجمع بين حركة الكاميرا على الشاريو للأمام أو الخلف مع استخدام الزوم بعكس الحركة، بحيث يظل حجم اللقطة ثابتًا، وتتغير خلفيتها بشكل يوحي بأن الشخصية في اللقطة تكاد تفقد توازنها أو كأنها لا تستوعب ما يجري حولها، هذه اللقطة شديدة التأثير ولكنها أيضًا شديدة الصعوبة في التنفيذ وتحتاج إلى مصور ذي إمكانية عالية، بالإضافة إلى فوكس بولر وفني شاريو محترفين، لأن الدقة المطلوبة لتنفيذها متناهية، وإن أي خطأ من قبل أي من الثلاثة يفسد الحركة، ولذا نادرًا ما نرى هذه اللقطة في الأفلام المستقلة. كما تسمى أيضًا لقطة سبيلبرغ في هوليوود لأن المخرج ستيفن سبيلبرغ أول من استعملها في الصناعة الأمريكية.
كانت هذه نظرة عامة وسريعة على أنواع اللقطات، التي يمكن للمخرج استخدامها وتوظيفها في إيصال رؤيته الفنية، وتحقيق مقولة فيلمه، ومن الضروري جدًا الإشارة إلى أهمية الجانب الجمالي، في اللقطات الثابت منها والمتحرك، والتي أرسيت لها قواعد ثابتة في التشكيل، مستندة إلى علم الجمال وتراث عالمي في مجال الفن التشكيلي، بالإضافة إلى علم الإضاءة وقواعده. وهي مواضيع سنتحدث عنها في مقالات لاحقة.
إعلان
جميع الحقوق محفوظة لشركة تحت الـ35 © 2024