عانى الشباب السوري الذي عشق السينما من غياب أكاديمية لتعليم السينما في سوريا، وقد قام من سمحت له ظروفه، قبل اندلاع الثورة بالسفر إلى جامعات في العالم لدراسة السينما أكاديميًا.
أمل كثيرون عندما ظهرت الجامعات الخاصة بعد المرسوم الصادر عام 2001، أن تفتتح في سوريا أخيرًا أكاديمية للسينما، ولكن اتضح لاحقًا أن المرسوم لا يسمح للجامعات الخاصة بإضافة اختصاصات لم تكن أصلًا موجودة في الجامعات السورية. خاب أمل الكثير من الشباب، وبدؤوا يبحثون عن مخارج، وقد درس معظم من أحب السينما ولم يستطع السفر إما في كلية الإعلام في جامعة دمشق، أو في المعهد العالي للفنون المسرحية، أو عمل كمساعد مع أحد المخرجين الكبار وتعلم منه.
اندلعت الثورة السورية، وقد قام هؤلاء الشباب، المحبين للصورة، من صحافيين، وطلاب جامعات ومدارس، بتصوير ما جرى في مناطقهم. فيما عاد الشاب باسل شحادة الذي كان يدرس السينما في أمريكا إلى سوريا، ليشارك من خلال كاميرته في توثيق ثورة بلاده، وقد استشهد باسل، ليتحول لاحقًا إلى أيقونة للسينما السورية الوليدة، التي خلقت من رحم الثورة.
رفدت الثورة السورية، ولا سيما في مرحلتها السلمية، السينما السورية بعدد كبير من المصورين، وقد تعرض كثير من هؤلاء المصورين للاعتقال والملاحقة وللقتل بسبب ما صوروه.
قلة من هؤلاء المصورين الجدد نجحت في التحول إلى مهنة الإخراج، فيما ظل البقية يكدسون المواد التي صوروها دون أن يستطيعوا تحويلها إلى أفلام محكمة الصنع.
ومع تصاعد العنف والقتال، ومع ظهور الغول الداعشي، اضطر معظم هؤلاء بعد أن أصبحوا ملاحقين من كل من النظام وداعش، أن يخرجوا من سوريا، وقد حاول بعضهم إكمال الطريق الذي بدؤوه في مهنة الإخراج السينمائي، لكن تحديات عدة تواجههم اليوم، خاصة من وصل منهم إلى أوروبا، وعلى رأسها عائق اللغة ونقص المعلومات الأكاديمية.
كانت ظروف التصوير التي حكمت هؤلاء المخرجين الصاعدين في سوريا، شديدة الصعوبة، لذا كان من الصعب محاكمة أفلامهم فنيًا، فقد كان كل من ينقد الأفلام يأخذ بعين الاعتبار الخطر الشديد الذي يرافق تصويرها، وكانت الصور التي تهتز بشدة، والصوت الرديء، والكوادر المشوهة، والبنية المخلخلة مقبولة بالنسبة للمتلقي.
اليوم، اختلف ظرف المصورين الجدد الذين خرجوا من سوريا، ولكنهم مع ذلك لم يغيروا كثيرًا من تقنيات التصوير التي يستخدمونها، فظل مستوى كل من الصوت والصورة في معظم الأفلام ضعيفًا، وبقيت غالبية هذه الأفلام تعاني من خلل بنيوي، ولم ينتقل صناع الأفلام من هواة إلى محترفين.
في ظل هذه الأوضاع، شعر فريق تحت الـ35 بالحاجة الماسة إلى محتوى يساعد كل هؤلاء الشباب السوريين، ويساند أيضًا الشباب العرب الذين لا تسمح لهم لغتهم الانكليزية بمتابعة آخر التطورات التقنية والفنية فيما يتعلق بمهنة صناعة الأفلام، لذا قمنا بإطلاق سلسلة مبادئ كتابة السيناريو. ولأن التفاعل كان كبيرًا وإيجابيًا، قررنا إطلاق مجلة تحت الـ35 الثقافية المتخصصة بتقديم المعلومات التي يحتاجها صناع الأفلام الصاعدون، والتي تضيء على بعض التجارب المميزة في العالم سواء في مجال السينما، أو اليوتيوب. واليوم ننطلق معكم وبدعمكم وبمنحة من مؤسسة اتجاهات لنقدم عددنا الأول، الذي نتمنى أن ينال استحسانكم ومتابعتكم.
إعلان
جميع الحقوق محفوظة لشركة تحت الـ35 © 2024